صدى موسيقى الطوارق يُسمع في جميع أنحاء ليبيا
Photo credit to Local Libya |
لا يمكن رؤية تنوع ليبيا من ناحية الثقافة وحدها، ولكن أيضًا من خلال ثرائها الموسيقي الهائل. يمكن رؤية العديد من الشعوب والثقافات التي شكلت تاريخ ليبيا عبر هذه الموسيقى. من بينهم مجتمع الطوارق ، الذي يبدو حبهم للصحراء بلا حدود، خاصة لأولئك الذين لم تطأ أقدامهم هناك أبدًا. ترجع الأصوات والإيقاعات الفريدة التي يتم سماعها في موسيقاهم إلى البساطة الأنيقة للآلات التقليدية التي يستخدمونها.
امران تينيري هي واحدة من أقدم فرق الطوارق الموسيقية في ليبيا وتعني "عشاق الصحراء" بلغة الطوارق. تأسست فرقة امران تينيري في عام 1983 في بلدة العوينات الصغيرة ، المعروفة باسم سردليس بلغة الطوارق، في أقصى جنوب ليبيا، من قبل نخبة من الفنانين منهم علي بن ناجي وعبدالجليل زيان. توسعت الفرقة لتضم 13 عضوًا من جميع أنحاء ليبيا. بعد أخذ استراحة، استأنفت الفرقة أنشطتها في أواخر عام 2002، وكان إبراهيم منصور الفيلالي مغنيها الرئيسي. كان الفيلالي ، الذي انضم إلى الفرقة في نهاية عام 1999 عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا فقط، عضو بارز وله دور فعال في إحياء الفرقة. حيث أنه ورث عن أبيه الذي كان أيضًا عازفًا شغفه بموسيقى الطوارق.
أصدرت فرقة امران تينيري مجمل ستة ألبومات ، أولها كان لبن ناجي ، ثم اثنان لزيان ، بينما أنتج الفيلالي الألبومات الثلاثة الأخيرة. مجتمع الايموهاغ يستخدم بشكل أساسي الآلات التقليدية مثل الإيمزاد ، وهي آلة ذو وتر واحد مصنوعة من الجلد وطبقات رقيقة من الخشب وعادة ما تعزف من قبل النساء. تشبه الآلة آلة الرباب التي تُعزف في أماكن أخرى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. العود والقيثارات هي الآلات الحديثة الوحيدة التي تستخدمها فرقة امران تينيري.
قدمت الفرقة عروضها في العديد من المهرجانات الدولية، بما في ذلك في مهرجان تدمر في نهاية 1998 , و نيس عام 2004 ، ومهرجان أمني بالجزائر ، والمركز الثقافي الأسباني عام 2009 . وقد تم أداء بعض من هذه العروض في العديد من المهرجانات في مالي وتشاد ، وكذلك غدامس وغات في ليبيا. كما قدمت الفرقة عروضها بشكل متكرر في تونس على مدار العقد الماضي، حيث يقول الفيلالي إن التونسيين لديهم حماس خاص لإحياء والحفاظ على التنوع الثقافي في المنطقة. لقد شاركوا أيضاً في مهرجان القصور الدولي بتطاوين ، و مهرجان توزر الدولي والعديد من احتفالات رأس السنة الأمازيغية، ومهرجان جربة "أرض السلام".
حاولت امران تينيري إلهام نفس الحماس في ليبيا وأقامت حفنة من الفعاليات الصغيرة في جنوب البلاد. يقول الفيلالي إنه من الأصعب جذب الاهتمام بطرابلس، حيث قدمت الفرقة عرضاً واحداً فقط. على الرغم من صعوبة جذب الموسيقيين من الجنوب للجماهير في العاصمة، تمت دعوة امران تينيري إلى استوديوهات شركة خيال للإنتاج في طرابلس للمشاركة في جلسة تصوير لاستكشاف أعمالهم ، وهي لفتة يقدرها بشكل خاص الفيلالي.
على الرغم من ذلك ، ربما لم تستمتع فرق الطوارق الموسيقية من ليبيا، وخاصة جنوب غرب البلاد حول مدينة غات بنجاح زملائهم الموسيقيين من البلدان المجاورة. اكتسبت مجموعات مثل تيناريوين من الجزائر، ومايسترو بومبينو من النيجر، ومجموعة لي فيلي دي إليغداد النسائية فقط من النيجر ، شهرة دولية.
قبل عام 2011، لم يكن لديهم الكثير من الفرص للأداء. تعرض أعضاء الفرقة للضغط على الرغم من تسجيلهم رسميًا وحوزتهم على جميع الوثائق اللازمة. ولكن كان التمييز مستمرا؛ حتى أن السفر في جميع أنحاء البلاد كان صعباً. كما لم يكن من الممكن لأعضاء الفرقة استخدام لغة الطوارق، لذلك تمت الإشارة إلى فرقتهم باسمها العربي. تسمى اللغة التي يستخدمها الطوارق في ليبيا تامهاغت وتستعمل فيها أحرف تيفيناغ مثل تلك المستخدمة في اللغة الأمازيغية. ومن المهم ذكر اختلافها عن ثقافة ولغة التبو. حيث أنه لا يوجد أي تشابه بين الاثنين.
منذ عام 2011 ، أصبحت المشاركة في الفعاليات الثقافية أسهل على الرغم من تدهور الوضع السياسي في ليبيا. وهم الآن يستخدمون لغتهم بحرية مطلقة، مما يسمح لهم بالتوسع على الصعيدين الإقليمي والدولي. يعتبر الجنس أيضًا جانبًا مهمًا من عمل امران تينيري حيث تعاونت الفرقة مع مغنية تُعرف باسم زهرة الجنوب وباللغة العربية "وردة الصحراء"، والتي يتم إخفاء هويتها الحقيقية لتجنب أي عواقب غير مرغوب فيها. يقول الفيلالي إن العديد من النساء ذوات الأصوات الجميلة يُمنعن من الغناء بسبب القيود الاجتماعية. ومع ذلك، فقد التقى مؤخرًا بنساء من الجزائر ومالي أعربن عن اهتمامهن بالتعاون الموسيقي.
كما أن الفرقة متحمسة للتعاون مع الموسيقيين من داخل وخارج ليبيا. عملت امران تينيري مؤخرًا مع فتحي المريمي، وهو استاذ و خريج اكاديمي في دراسات الموسيقى العربية و كان من طلبة الفنان الراحل حسن عريبي. كما عزفت الفرقة مع موسيقي من باكستان مقيم في طرابلس شارك في مهرجان غدامس في أكتوبر 2010. وقاموا بترجمة كلمات بعضهم البعض وأداء الأغاني كلٍ بلغة الاخر وغنوا معًا ، وهو تبادل دولي حقيقي.
عندما يتعلق الأمر بمستقبل الفرقة ، فإن الفيلالي غير متأكد ويقول: "نحن لا نعرف ما يخبئه المستقبل للفرقة ، لكننا سنواصل العمل ونرى ما الذي يجلبه لنا." على الرغم من ذلك، فإن الفيلالي طموح. فهو يخطط للقيام بجولة في الصحراء هذا الشتاء ويأمل في تصوير فيديو موسيقي هناك. إنه يحلم بأن يؤدي يومًا ما إلى حشد يزيد عن 30 ألف شخص لكنه يعترف بأن ما زال أمامهم مشوار طويل. كما يأمل في جلب فن وثقافة وموسيقى الطوارق إلى مستوى التقدير الذي يشعر أنه يستحقه ، مما يجعله مرئيًا ومسموعًا في جميع أنحاء العالم: "فننا لم يصل بعد إلى المستوى الذي نريده".
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مشروع "ألحان ليبية" تم إطلاقه احتفاءً بالموسيقى الليبية التقليدية والمعاصرة، ولعرض الألوان الموسيقية المتنوعة من مختلف مناطق البلاد، ليتمتّع الليبيّون بها في المقام الأول. يسعى المشروع إلى استقطاب الموسيقيات والموسيقيين الليبيين الشباب والصاعدين من جميع الخلفيات المتنوعة في ليبيا، لاستكشاف مهاراتهم الموسيقية الإبداعية ووضع رؤية مشتركة للموسيقى الليبية من خلال سلسلة من الفيديوهات والبودكاسات ومن خلال إصدار ألبوم غنائي مشترك.
للمزيد من المعلومات حول مشروع ألحان ليبية، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالمشروع ومتابعة حسابات المشروع على فيسبوك وانستغرام وتويتر.
Comments
Post a Comment